الأحد، 20 سبتمبر 2015

غيبوبة الحب




لم أكن لأتصور أن أسمع صوت تلك الفتاة التي في عمر الزهور تهاتفني بعد إلقائي محاضرة في مدرستها الثانوية
وعدم تصوري جاء مما ألقته على مسامعي في عالم يضج بالفتن ونحن غافلون كانت أول كلمة قالتها وهي تبكي: ساعديني
أنا أحب فلان ولا استطيع العيش بدونه وأحس أني سأموت قهرا وفي نفس الوقت أريد أن اتوب فهل لي من توبة
قلت: التوبة مفتوحة ولكن كيف نشأت العلاقة
قالت: بعد خروجي من المدرسة وقف يغازلني ثم رمى هاتفه في ورقة عند قدمي وبعدها هاتفته وتطورت العلاقة إلى الخروج معه في أوقات المدرسة
قلت: من اشترى الجوال لك
قالت: أبي وحين لاحظ قيمة الفاتورة فصله لكني لم أيئس اشتريت شريحة وتواصلت معه
قلت: إلى أي حد وصلت العلاقة
قالت: إلى حد أوشكت فيه أن أفقد أعز ما أملك
قلت: بنيتي انت الآن كدتي أن تحفري قبرك بيدك وتسجني نفسك في أضيق سجن الخروج منه مستحيل وهو سجن العذاب النفسي والجسدي ولولا أن أدركتك رحمة الله وستره لكنت الآن من الهالكين فأعيني نفسك واستعيني بالله للخروج من هذه الأزمة والثبات على التوبة فالتوبة تجب ماقبلها
ثم قلت: بعد أخذ وعطاء لماذا تأخرتي في أخذ القرار لإنهاء العلاقة
قالت: في كل مرة أقرر ثم أضعف وهكذا إلى أن أخبرني بالأمس حين طلبت منه الزواج وواجهته بحزم على عكس المرات السابقة التي كنت لا أصرح بها فصعقني وأذلني برده ثم أخذت بالبكاء وبالكاد فهمتها وهي في أشد الإحباط عبر كلمات لا تفهمها البنات إلا بعد فوات الآوان
وجاءت نبرات صوتها وكأنها قد أفاقت من غيبوبة: لقد قال: حين أتزوج لا أرتبط بفتاة مثلك فمن تربي أبنائي لابد أن تكون فتاة تاريخها مشرف لأطمئن عليه وبعدها انهرت وكأن زلزالا قلع قلبي فطار إلى حيث لاأدري فعرفت وقتها( وهم الحب)
بعد أن عشت (غيبوبة الحب)
وتيقنت أن من يرضي شهواته ويرضي شهوات الناس ويطيعهم على حساب ربه سيخذيه الله ويذله هذا في الدنيا
فكيف بالآخرة حين يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ( لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه)
تلك كانت قصة الفتاة
لكنها لم تنته حيث دخلت بعد اسبوع المشفى تعاني من غيبوبة الحب الشهواني وتقول بحرقة
أستاذتي: يظن أهلي كما قال لهم الطبيب أن ضغطي منخفض و الحقيقة..
أني بين نارين نار الحب الذي يشتعل في قلبي والتعلق بسراب ونار تأنيب الضمير على ديني وشرفي ووالدي الذين لا ذنب لهما في بنت مستهترة لم تفكر في قوله سبحانه
( ولات حين مناص)
وبدوري أقول لها: بنيتي النار إذا اشتعلت لابد لها من وقت لتنطفي
وبحسب قوة النار يكون الوقت فلابد من الصبر والنار لا يطفئها إلا الماء
وكذلك الذنوب لايطفئها إلا التوبة الصادقة
( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل
الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)

لكن انتبهي من شروط التوبة ( العمل الصالح)






سناء الشاذلي 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق